vendredi 31 mai 2013

الحسين الحياني- الجيش الملكي فريق فوق القانون


قال لي فيصل العرايشي: لا يمكن أن أغضب الجنرال والحكومة .. وأبقي على برنامجك
للمسائية العربية
رشيد باحميد
-في البداية نود معرفة أسباب غيابكم خلال السنوات الأخيرة عن الساحة الإعلامية؟
* إنني لست غائبا بصورة مطلقة عن الساحة، فقد أصدرت أخيرا رواية بعنوان "صهيل منتصف الليل" كان لها حظ ضئيل من محرركم الأدبي، وحظ وافر بين النقاد الكبار: كما أنني أطل على القراء ببعض الصيغ في المتابعة الغير المنتظمة، بين الفينة والأخرى. أما غيابي عن وسائل الإعلام فيعود إلى مالكي تلك الوسائل، أو من هم على رأس منابرها الإعلامية،
الذين ـ ربما ـ لم يفكروا في تعاوني معهم، والذين فعلوا ذلك، ما زالت بذمتهم مستحقات لي بعشرات الآلاف من الدراهم، وقد يوجد هناك من يرون أنهم ليسوا في حاجة إلى صحافي من قبيل الحسين الحياني، رغم خبرته وتجربته ونهجه في معالجة الأشياء معالجة خالية من أغاني المديح. . ما داموا يفضلون تسويق بضاعتهم الإعلامية بطريقة تضمن لهم العيش الرغد، وفي جميع الحالات هم أحرار فيما يقررون..أما غيابي عن التلفزة فهو غياب قسري فرضه علي بعض طغاة هذا لزمن ممن لهم اليقين أنني أمثل خطرا محدقا بهم على الدوام، ما داموا مهيمنين على قطاعات حيوية وهم غير مؤهلين للإمساك بها، ويمثلون رؤوس فساد ينبغي أن تقطع من أمثال: فيصل العرايشي، "ملك الإعلام الرسمي في المغرب" وحسني بنسليمان.. وأنا ـ طوال سنوات عملي ـ لم أكن أقصد غير نقل الحقيقة إلى الناس، لأن فهمي المبكر للإعلام ودوره الحاسم في حياة الشعوب، لا يبتعد عن الفهم العام له في البلدان التي تريده أن يعمل في اتجاه الناس، وليس في اتجاه الأنظمة الفاسدة، أو في اتجاه اللوبيات المالكة لزمام المال والأعمال والسلطة الإدارية.. والدور الذي أقصد، هو أن يقوم الإعلام بتقريب الأشياء إلى فهم المواطنين، بينما من أشرت إليهما وأضرابهما، لا يريدون المواطنين أن يفهموا، بقدر ما يريدونهم أن يركعوا ويخنعوا ويباركوا..وبما أن مصالحهم تتماس عند ملتقى الهيمنة على مؤسسات مؤثرة في المجتمع، فهم يتبادلون الخدمات التي ترعى مصالحهم. ومن بين تلك الخدمات قطع رؤوس العصاة..

-هناك بالتأكيد جيل جديد لم يركم على الشاشة، لكنه يرغب في معرفتكم، كيف تقدمون أنفسكم إليه؟ 
* بدأت رحلة الصحافة المكتوبة بمجلة الإذاعة الوطنية الأسبوعية "صوت المغرب" سنة 1961 ، كناقد أدبي يدب نحو النور.. ومنها انتقلت إلى قسم الرياضة بالإذاعة الوطنية سنة 1962 باقتراح من الطيب الذكر، أستاذ الأدب واللغة الرياضيين بالمغرب عبد اللطيف الغربي، لكن، كنت أتمنى ـ ليعرفني الجيل الحالي ـ أن يتناول جوانب حياتي الصحافية بعض الذين عاصروني، بكل أمانة وروح خالية من الغبن، أما السبيل الأقصر ليعرفني الناس على حقيقتي، هو العودة لإنتاج البرامج الإذاعية والتلفزية، وهذا مستحيل في الوقت الراهن، لأن المالكين للسمعي البصري في المغرب لا يمكنهم أن يتعاملوا مع شخص مزعج بانحيازه إلى المواطنين، ورفضه طمس الحقائق ليزداد الفساد ترعرعا ..
ليعرفني الناس لابد من فرصة لنقل مباراة كرة مثلا، حتى يقف المشاهدون والمستمعون على الفوارق المهنية والثقافية بين واصف وواصف..ومع ذلك، سأستسمح القراء لأحدثهم عن جزء من معالم شخصيتي ولو كان مليئا بالتباهي الذي لا يدخل في نطاق " لعن الله مادح نفسه ".
كنت أول من أصدر جريدة مختصة بالرياضة عام 1966 بعنوان "الرياضي"..كان ثمن النسخة 0.50 درهم..وإلى اليوم لدي ثلاثة إصدارات هي الرياضة المغربية/ شواهد وأسرار..1992 والعربي بنمبارك/لاعب القرن سنة 2002 ورواية صهيل منتصف الليل 2008.
الحسين الحياني هو الصحافي الوحيد في المغرب الذي مارس المهنة من على مختلف المنابر الإعلامية: المقروءة والمسموعة والمشاهدة، واحترف كل الأجناس في المسؤوليات والإنتاج والممارسة، كالتحرير والوصف والمعالجة والنقد والإشراف على تحرير الصحف وإدارتها منذ أكثر من 47 سنة. وكنت الوحيد في البلد الذي رد على الوزير عبد الواحد بلقزيز، الذي قال لي في أحد الأيام من العام 1980: "توخ الحذر في عملك، لقد أصبح الملك مشرفا مباشرة على الشأن الكروي". فأجبته: "إن مهام الملك الوطنية والدولية الجسيمة،لا مكانة فيها لكرة القدم..قل هذا لغيري..والذين يريدون أن يمتطوا القرارات الملكية بطريقة توصلهم إلى أغراضهم، هم من يروجون لمثل هذه الأفكار..".
كما وقفت باستمرار على أمواج الإذاعة وشاشة التلفزة، في وجه الانحياز لفريق الجيش الملكي، على الصعيد الجامعي الرسمي وعلى صعيد الحكام المذبذبين، وكنت أنعته ب "الفريق فوق القانون.." وشاهدي الأول على ما أقول ، الأسرة الرياضية "الخنيفرية" والأسرة الكروية الفاسية برمتها، التي لن تنسى ما حصل لفريقها على أيدي وأرجل لاعبي فريق الجيش الملكي يوم هزيمة الفريق العسكري بالرباط ب3/0.. في مباراة بطولة حاسمة، في شهر ماي من سنة 1966. والشاهد الثاني هو الأستاذ عبد الرحمان الخطيب وزير الشبيبة والرياضة الأسبق، الذي خاض معي المعركة، وكان مصيره هو الإبعاد من الوزارة....
ناديت بإبعاد ذلك الفريق عن البطولة الوطنية، لأنه ينعم بامتيازات مادية ومعنوية لا يظفر بها غيره من الفرق، وربطت في ذلك بين المغرب والأنظمة الشمولية في أروبا الشرقية التي تحشر المؤسسات العسكرية في حياة المجتمعات المدنية، وما زلت إلى اليوم مصرا على أن ذلك النادي لا مكانة له بين باقي أندية المملكة.. هذا الرأي شاطرني إياه الراحل الجنرال محمد المذبوح..

- وبارتباط مع السؤال السابق كيف كان خروجكم من دار البريهي، ومتى كان ذلك؟
* بعد نهاية معاناتي مع دهاقنة الداخلية في سنة 2000، وكانوا حرموا علي الظهور على الشاشة منذ 1990.. كنت قد أحلت على التقاعد، لكن السيد فيصل العرائشي المدير الجديد للتلفزيون أصر على أن أستمر في التعامل مع الدار، فعينني مستشارا له، لكن جرت الأمور بغير ما يشتهي كلانا، وتدخلت القوة الأجنبية والداخلية بيننا، بزعامة صديقي الكبير "سعيد زدوق"، وأخيرا قر رأيه ـ العرايشي ـ على أن أنتج برنامجا كل خمسة عشر يوما تحت إسم " حوار الثلا ثاء الرياضي " .. 
أعددت البرنامج.. وروقب مرات ومرات، وتقرر بثه في ليلة رأس السنة الميلادية 2002.. وكان أبرز نجومه من الضيوف الأستاذ عبد العزيز المودني العلوي من نجم مراكش، والرياضي اللامع في مكناس عبد اللطيف بنهلال..ولا يمكن أن أعطي اليوم، وبعد حوالي ثمان سنوات، فكرة عن مدى أهمية الانطباع الذي تركه البرنامج، ولكن ما ثبت هو أنه هز عرش حكام كرة القدم في البلاد، ماعدا عرش "المختار الغزيوي" الذي يركب سرج فقيه الإعلام في الألفية الثالثة.. بغطاء من زعيمهم حسني بن سليمان، وبمشاركة قتالية من أصدقائي داخل التلفزة، الذين تطوعوا لقراءة البرنامج بطريقة أرهبت السيد فيصل العرائشي الذي لم يكن له عهد بحروب الموز وعصي العجلات..
تقرر توقيف العمل بالبرنامج، من غيرإشعاري بذلك .. استفسرت السيد العرايشي في الموضوع.. فجرى نقاش حاد بيني وبينه..
فتوترت أعصابه وقال بلهجة الحاكم بأمره: "لا يمكن أن أغضب الجنرال والحكومة .. وأبقي على برنامجك".

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire